أسس وضوابط جديدة ..!!

يعرف العالم بأسره وخاصة المتتبعين للسياسة الدولية واللاعبين في مطابخ القرار والمعنيين بصنع المسارات السياسية في هذا العالم .. يعرفون جميعاً أن التئام تجمع دول الساحل والصحراء س/ص ووصول عضويته إلى هذا العدد الذي يتوازن مع الاتحاد الأوروبي الذي سبقه في الميلاد بسبعة عشر عاماً ويزيد قليلاً .. ليس هذا فحسب .. ولكنه يضم أيضاً مراكز الثقل القوية والقوى الفاعلة في أفريقيا مثل مصر ونيجيريا والمغرب ومالي وتونس وتشاد وغيرها إلى جانب الجماهيرية العظمى .. يعرفون أن هذا العمل الإبداعي والخلاق والتاريخي ليس من قبيل الصدفة ولا وليد مجازفة .. 

 

كما أنه ليس رصاً للصفوف ولا مجرد ترتيب للأوراق .. ولكن حقيقة الأمر أنه تحول استراتيجي من صانع التاريخ " معمر القذافي " .. صنع به وفيه قاعدة قوية للهرم الأفريقي الكبير (( الاتحاد الأفريقي )) الذي أنجز ميثاقه وحرص على توقيع قانونه التأسيسي حتى بلغ الموقعين قبل انعقاد قمة سرت الثانية المقررة لاعلان ميلاد الوحدة الأفريقية بشهر تقريباً أكثر من أربعين دولة وقطر وهو ما يتجاوز النصاب القانوني الذي تنص عليه مواثيق منظمة الوحدة الأفريقية لعقد القمة الطارئة .

وهذه القاعدة القوية ليست وجهة نظر ولكنها تأسست كفعل تاريخي مقاوم للهيمنة ورافض للتبعية . وقادر على تعبئة القوى لشن الهجمة المضادة على من تسول له نفسه المساس بمقدرات شعوب هذا التجمع اليوم . وشعوب القارة الأفريقية غداً .

ويرجع الفضل في هذا الحشد الكبير للاتحاد الأفريقي لهذه القاعدة القوية البناءة التي جسدها تجمع س/ص بما يملك من زخم على مستوياته المختلفة وأهمها الإرادة السياسية . 

ومن ثم :

فإن ما يجري اليوم سيترك بصمات لا تمحى وعلامات فارقة في خارطة العالم ليس الجغرافية فحسب بل وفي الخارطة السياسية بحكم هذا الحشد الضخم للارادات الحرة الأفريقية التي تلاقت على هذه المساحة الجديدة تاريخياً وحضارياً.

وهو ما يفرض على العالم ومؤسساته وفي مقدمتها الأمم المتحدة أن تتعامل على أسس وضوابط جديدة مع هذه القارة .. فلا يمكن لقوة على وجه الأرض أن تفرض رؤيتها وفق قواعد وضوابط الماضي الذي كانت القزمية أشد بلاء له وتمزيقاً .

فلم يعد ممكناً لقوة أن تدعي تفردها لغرض فرض إرادتها على هذه المساحة المحررة من هيمنة الأدوات الإمبريالية .. كما لم يعد ممكناً أن تستعيد القوى الكبيرة الغاشمة تاريخها على هذه الأرض التي تسيدت وسادت إرادتها . 

وإذا كان الشعب الليبي قد قاد مرحلة هامة واستراتيجية من تاريخ القارة تحمل بسببها تكاليف صعبة .. فإن تلاحم الأفارقة قادة وشعوباً كان معول هدم لكل الضغوطات التي كانت شراً حقيقياً وأفسد العديد من خطط الأعداء وأجهز على الكثير من أطماعهم .. 

ولا شك أن هذه النجاحات تجعل من الشعب الليبي أكثر أصراراً على خوض هذه المواجهة التاريخية حتى إعلان ميلاد الاتحاد .. ولن يفت في عضده أية محاولات لتخريب المسيرة .. يؤيده ويدعمه الأفارقة شعوباً وقادة وحتى تحقيق نصر نهائي على فلول المشروع الاستعماري .

لقد أعطاهم الأخ قائد الثورة فرصة للسلام .. وليتهم يقتنصونها .. وحسن النية يبدأ بتحرير الرهينة المحتجز .. وهي قضية مبدأ .. ولن يعيد التاريخ نفسه . 

عـودة