عندما يختلط النهر العظيم بالبحيرات |
تؤكد الدراسات الهيدرولوجية التي أجريت في العديد من مناطق العالم على تفاقم مشكلة نقص المياه بسبب عدم التوازن البيئي أي بين معدلات الأمطار (( التغذية)) والطلب والاستعمال (( السحب )) هذا وتعد منطقتي شمال أفريقيا والجزيرة العربية من اكبر المناطق التي سوف تواجه النقص الحاد في المياه وليس أدل على ذلك من زحف خط الجفاف (( التصحر )) وتزايد أعماق منسوب المياه الجوفية وتداخل مياه البحر في المناطق الساحلية هذا وقد نوه الأخ القائد معمر القذافي مرارا وتكرار في العديد من المناسبات إلى خطورة هذه المشكلة على مستقبل الإنسانية ولاسيما جزيرة الملح على الرغم من المحاولات الجادة التي قامت بها الجماهيرية . |
كمشروع استجلاب السحب وتحلية مياه البحر والمشروع الأعظم في القرن العشرين ألا وهو مشروع النهر الصناعي العظيم إلا أن الحل الجذري والأمثل هو الاندماج في فضائنا الأفريقي حيث الإمكانيات العظيمة ولاسيما موضوعنا هذا والذي سوف نتناول فيه التعريف بحجم الإمكانيات الضخمة من المياه بالغابة السمراء من جانب التصريف المائي حيث يقدر أن 48 % من مساحة القارة تنصرف مياهها عن طريق انهار تنتهي إلى البحار المفتوحة والمحيطات وان 40% من مساحة أفريقيا يتميز بتصريف سطحي غير منظم ( صحارى القارة ) بينما يتصرف مياه 12 % الباقي داخليا في أحواض إو بحيرات مغلقة مثل حوض بحيرة تشاد أما انهار التصريف الخارجي كالنيل الذي يبلغ طوله 6671 ك .م من منبعه في حوض بحيرة فكتوريا الذي يمتد على شكل قوس مقعر فيما بين الأخدودين الشرقي والغربي ويتلقى كميات كبيرة من الأمطار الدائمة حتى مصبه في البحر المتوسط عبر القسم الشرقي من الصحراء الكبرى والبالغ طولها 2400 كم حيث الجفاف .
|
|
هذا ويقع نهر النيجر قرب حدود سيراليون وعلى بعد 320 كم من المحيط الأطلسي ويجري في اتجاه الشمال الشرقي في الهوامش الجنوبية للصحراء الكبرى حيث يزود منطقة تمبوكتو وما يليها شمالا بمياه الري ثم ينحني في اتجاه الجنوب الشرقي ويصل إلى خليج غينيا مخترقا دلتا ضخمة ويبلغ طوله 4160 كم ويعتبر التصريف المائي غير المنتظم للقسم الجنوبي من الصحراء الكبرى ( رافد ) النيجر كالأودية الجافة الكبيرة تشير إلى عصر مطير سالف أما القسم الأعلى من وادي النيجر قبل تمبوكتو في مرحلة النضج بينما القسم من الوادي الذي يسبق جيبا تجاه المصب يتلقى النيجر اعظم روافده وهو ينوي الذي يتميز بقطاع عرضي واسع جدا لسهله الفيضي يعتقد انه نشأ على امتداد نطاق عيبي رئيسي وتتراجع منابعه بسرعة بسبب شدة النحت واستطاع ان يأسر بعضا من التصريف المائي يتجه نحو بحيرة تشاد هذا وتنبع الكثير من المجاري المائية من هضبة فولتا جالون بعضها داخلي والآخر خارجي التصريف كنهر السنغال .
|
|
وهو أطولها حيث ينبع من منابع بالقرب من منابع النيجر لكنه يتجه شمالاً نحو الغرب بالقرب من هامشي الصحراء الكبرى لكي يصل إلى المحيط الأطلسي إلى الشمال من كيب فردي . اما نهر الكونغو الذي يتصف بكل خصائص الأنهار الأفريقية فحوضه ضحل عظيم الاتساع حيث يبلغ 1280 كم طولا وعرضا ومخرجه من الهامش الغربي ضيق يصحبه سلسلة من المسارع والمساقط المائية التي تفصل المجرى الأعلى الأكثر نضجا والمجرى الأدنى الشاب وهو النهر الوحيد في أفريقيا الذي يتميز بمصب طويل صالح للملاحة حيث يسمح للسفن المحيطية التوغل فيه حتى مدينة ماتادي على بعد 128 كم وتوجد في الحوض بحيرات كثيرة وهي بقايا بحيرة كبيرة قديمة .والى الجنوب من حوض زائير يقع حوض نهر الزمبيزي الذي يتصف بمميزات مماثلة للكونغو . فحوضه الأعلى فسيح ومجاريه المائية دائمة وتسمح بالملاحة للسفن الصغيرة ومن هذا القطاع يمر المجرى الرئيسي لشلالات فكتوريا وبعدها يصبح المجرى بهيئة خانق متعرج . بعده يقطع النهر مسافة 1440 كم لكي يصل إلى مضيق موزمبيق على المحيط الهندي مارا بسلسة من المسارع ،و يعبر بحيرة كاريبا التي نشأت في العصر الحديث ويبلغ طوله الكلي 2660 كم .و قد كانت بعض منابعه تتغذى فيما مضى من الحوض الداخلي المسمى
( أوكوفانجو ) وحوض
( ماكاري كاري ) في بتسوانا لاند .و بعد شلالات فكتوريا . يصبح النهر محدود الاستخدام للملاحة النهرية .
|
|
هذا ويتسع مجرى النهر على بعد 160 كم إلى نحو 3 آلاف متر .و في الغرب يجري نهر
( كيونين ) الأقصر وطوله 750 ميل والذي ينبع من
هضبة( نوفالسيوا) في الشمال من أنجولا تم يسير فوق الهضبة الأفريقية ثم ينحني غربا ليشق هامش الهضبة في مساقط ( روياكانا
) .و يعتبر نهر ( اورانج
) في جنوب أفريقيا اشهر أنهار الإقليم ويبلغ طوله 1163 ميل والنهر الأصلي ينبع مثل رافده فال قرب حافة جبال
( دراكنزبيرج ) الرئيسية ويجري النهر في ارض وفيرة المياه ويعبر ارض جافة في جنوب صحراء
( كلهاري ) وتسقط مياه من شلالات
( اوغراتبيس ) إلى خانق ينتهي بحافة الهضبة نحو المحيط الأطلسي شمال كيب تاون بنحو 600 كم . اما بحيرات أفريقيا فتتسم من حيث النشأة إلى بحيرات الأخاديد وهي التي شكلت فراغ الأخاديد وتتصف معظم الأنهار الكبيرة في شرق أفريقيا بالطول وبالضيق النسبي فكل من البحيرات
( متجامين ونياسا
) يبلغ طولهما بين 480 - 640 كم . و كلاهما يتميز بالعمق هذا ومعظم بحيرات الأخدود الغربي مخارج في بحيرات إدوارد والبرت تصرفان مياههما عن طريق النيل وبحيرة تنجانيقا عن طريق الكونغو وبحيرة منباسا عن طريق نهر شابر أحد روافد الزمبيزى وهناك بحيرات ذات تصريف داخلي مثل بحيرة
( مريكوا ) في تنزانيا . هذا وتمثل بحيرة
( فكتوريا ) ذات النشأة المقعرة اكبر البحيرات وهي ضحلة المنسوب واسعة عريضة ذات ساحل معقد تكتنفه العديد من الجزر وتتصرف مياهها نحو النيل بعد مروره بشلالات
( أون ) نحو بحيرة
( كيوجا ) حيث تشق المياه طريقها نحو روافد النيل.
|
|
ومن خلال ما تقدم يتضح مدى الإمكانيات الهائلة التي تزخر بها القارة السمراء من مياه متجددة عبر شبكة من المجاري النهرية متعددة الاستغلال وليس في مجال الزراعة والصناعة و الاستخدام فحسب بل للنقل وتوليد الطاقة المائية فلا عجب أن يصبح الفضاء الإفريقي ملاذ للعرب جميعا . |