على طريق المجد .. الأفارقة ماضون |
بحثاً عن أسباب القوة .. ومقاومة للضعف الذي يعتري البني الصغيرة للمجتمعات.. |
منذ أن سجل التاريخ تاريخاً للوحدة فأنه يكاد يكون هناك إجماع حقيقي على أن ما تحقق هو توحيد بالقوة تبنته قيادات تحملت المسؤولية على عاتقها فتحاً أو توسيعاً لملك أو ضماً لأراض بما يتيح للسلطة المستنفذة .. قواعد ارض في السيطرة والتحكم داخل ممالك أو إمبراطوريات أو سلطنات أو غير ذلك من صور الدولة عبر العصور السالفة ..
|
|
كان ذلك استمراراً وصوراً مكررة لما فعله الفرعوني القديم " مينا " الذي وحد القطرين على حد تعبير كتب التاريخ المصرية ليكون الدولة المصرية القديمة من قطرين شمالي ( الوجه البحري ) وجنوبي ( الوجه القبلي أو جنوب مصر ) .
|
|
وباستثناء حالات نادرة سجلها التاريخ مثل وحد ( مصر وسوريا ) التي ولدت عام 1958 ف بزخم ثورة يوليو التي قادها جمال عبد الناصر في مصر والتي تحققت في اوجا لمواجهة بين العرب والصهاينة .. وبرغم إنها لم تدم اكثر من ثلاث سنوات فسخت بعدها اتفاقياتها وتقطعت أوصالها .. وباستثناء ذلك نكاد نحزم ان كل ما تحقق في التاريخ الحديث من تجميع للجغرافيا كان يقع تحت ضغوط عسكرية ولا يمكن ان يكون في إطار انساني مهما كانت نتائجه وبالتالي فهو فعل رجعي حتى وأن كان يخدم فعلاً مصالح الجماهير ( في تلك التجمعات المقهورة ) لحقبة أو فترة .. ومهما كسته وعلى السطح من صور تقدم مادي لا يمكن أن يطلق عليها حضارة بمعناها الإنساني ..
|
|
ولنا في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي السابق والاتحاد الأوروبي اليوم .. لنا في هذه الأمثلة الواضحة ما يؤكد ما ذهبنا إليه ..
|
|
فأمريكا .. تلك الصورة التي يعتقد العالم حضاريتها .. بنت وحدتها قسراً وقهراً وقهراً .. وراح ضحيتها ملايين من البشر .. معظمهم من سكان امريكا الأصليين من الهنود الحمر الذين زحفت عليهم أوروبا البيضاء .. واستجلبت لهم مستوطنين من كافة أصقاع العارض يخدمون الأرض والتقديم والتقنيات التي يستحدثونها .. ليصنعوا بهذه الدماء الطاهرة الذكية علواً مادياً .. ولتسجل ابشع الممارسات الوحشية ضد الإنسان بعنصرية لم يسبق ان سجل التاريخ لها مثيل ..
|
|
الولايات المتحدة الأمريكية .. وحدها نفر من المحاربين الأشداء فتكوا بكل من وقف في طريقهم تحقيقاً لاطماع عنصرية .. وبغية تكوين بناءات ضالمة .. وعلى حساب شعب بأسره وأمة .. يملكان تاريخا إنسانيا خاصا .. ولها ذات شخصية .. وطحن كل هذا آلة الحرب الغازية في عدوان تاريخي ترفضه الإنسانية وترفضه كل الشرائع السماوية .
|
|
إذن فوحدة الولايات الأمريكية سجلها التاريخ باعتبارها عملا رجعيا وقرصنة غير مسبوقة من قراصنة التاريخ وعصابات رعاة البقر على ارض تاريخية تملكها أمة لها جذور طانبة وضاربة في ذات التراب .
|
|
وتتكرر هذه الصورة الوحشية والعنصرية في أوروبا عندما وحد " ستألين " ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي حيث ضم أجزاء من أوروبا إلى القوقاز إلى روسيا البيضاء إلى الاتحادية .. وراح ضحية هذا العمل قرابة سبعة ملايين من الضحايا الأبرياء .. وليظل الجميع داخل هذا الهيكل المرعب تحت ما يسمي ( الستار الحديدي ) .. وليعيشوا تحت حد الفقر من أجل بناء ما أسموه قوة العظمي .
|
|
ويظل الاتحاد السوفيتي نموذجا للظلم للإنسانية بتأثير تطبيقيه أفكار ماركس التي طحنت الجميع في آلة الإنتاج لحساب احتكارات الحزب " الشيوعي " الحاكم . |
|
أما الاتحاد الأوروبي فعلى مدى أكثر من عشرين عاما والمناورات والمحاور تطغى على مؤسساته ولم تستقر آلياته رغم التحديات التي تلم به جراء الهيمنة المباشرة على الأقطار الأوروبية من قبل امريكا والتي يسجل أول مظاهرها في التواجد العسكري المكثف لها في أوروبا .
|
|
ومن ثم :
|
|
تستطيع أن نجزم بأن كل الصور التي حدثت لالتئامات جغرافية تحت تأثير سطوات سياسية دبرتها آليات عسكرية .. لا يمكن أن توصف بأنها أفعال تاريخية باعتبار أنها كانت على حساب دماء الأبرياء ودفع ثمنها الفادح شعوب بأكملها بل ووصل الأمر إلى اندثار أمم كانت تملأ الأرض سعياً وحبوراً . |
|
ويؤكد ما ذهبنا إليه .. تلك الانسلاخات التي تحدث بين الحين والحين في البني الكبيرة ويأتي في مقدمة هذه الانسلاخات الانهيار الدراماتيكي الذي حدث في بنية الاتحاد السوفيتي والتي قلبت الموازين رأسا على عقب وأظهرت مدى العسف والجوار والقهر الذي عانت منه شعوبه .. وما أعقب هذا من انهيارات جزئية في إندونيسيا والفلبين وغيرهما من دول العالم .. |
|
تستطيع أن نجزم بأن كل الصور التي حدثت لالتئامات جغرافية تحت تأثير سطوات سياسية دبرتها آليات عسكرية .. لا يمكن أن توصف بأنها أفعال تاريخية باعتبار أنها كانت على حساب دماء الأبرياء ودفع ثمنها الفادح شعوب بأكملها بل ووصل الأمر إلى اندثار أمم كانت تملأ الأرض سعياً وحبوراً . |
|
وقياسا على هذا التاريخ المليء بالدماء لما تحقق من وحدات على مدى التاريخ .. يصبح من حقنا أن نسجل بفخر أن الاتحاد الأفريقي وبعد أن وقع واحد واربعون قطراً من الأقطار الأفريقية على وثائقه التأسيسية وقانونه .. سيصبح - بأذن الله - أول وحدة عرفها التاريخ البشري تتحقق سلما وحربا .. وخيارا واختيارا وليس إجبارا .. وتحت راية الحق واستجابة للتحديات التي تواجهها أفريقيا .. وتعاطيا مع ظروف العصر . |
|
ونستطيع أن نذكر للأمانة وعرفاناً بالجميل .. انه جاء استجابة واعية من القادة الأفارقة أكدته شعوب القارة وأصرت عليه مؤسساتها الشرعية بالتصديق على وثائق الاتحاد . |
|
يبقي أن نخلد بطولة وشجاعة وخبرة وحنكة من صاغ هذه الصياغة التاريخية لهذه المساحات الجغرافية لتحقق توازنا دولياً يحفظ للعالم وجه التقدمي على طريق تحقيق والفضاءات تحقيقاً لمصالح الجموع وليس على حساب دمها ولا على حساب مصالحها . |
|
جهد تاريخي للأخ قائد الثورة يسجله التاريخ بحروف من نور انتقل من مرحلة التوحيد إلى مرحلة الوحدة .. وفارق كبير لا يستوعبه إلا الجماهير ومعمر القذافي. |