الافعى .. والاخطبوط

في البداية نحيي كل الجهد ونشد على الأيدي القابضة على الجمر ، ونقدر كل ما يبدله المخلصون الصادقون في كل موقع ، على ما يقدمونه من جهد صادق .. وحسن أداء وسط طواغيت زرعت في كل الشركات … والأجهزة والدوائر العامة .. غايتها تدمير المجتمع وإفساد الذمم .. ونهب خيراته .. وسلب مقدراته ، تحت مسميات الوظيفة العامة ، والاحتماء وراء التوجهات الخالدة والمبادئ العظيمة للثورة المجيدة ، والتستر وراء سلطة الشعب .. سواء بمحاولة تأكيد شعبية الإدارة أو انتهاج ثورية السلوك والأداء

 

إن الثروة لا بد أن تقع داخل الإنسان ، باعتبار أن الإنسان هو الجوهر ، وأن هدف ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة – بالدرجة الأولى هو بناء الإنسان النموذجي الجديد .. الملتزم دينياً وقومياً والقدوة في المهارة والمسلك لضمان تحقيق الفعل الثوري في التغيير المنشود ولابد بل ومن الضروري أن يكون الإنسان هو الهدف وإلا فلن ترتقي الأمة ولن يكون الأمان .

*

إن المسؤولية دائماً وبكل أسف نجدها تقع على المسؤولين في الإدارة العليا وتجري محاسبتهم بعد أن تتم مساءلتهم مباشرة على جزئية الأفعال الظاهرة فقط وبالتالي يسمى إقصاؤهم عن المواقع التي تسيبوا فيها أمر واجباً .. ويخرج أمين اللجنة ولجنته الشعبية وتحل البدائل وتتغير الإدارة الأدنى تدرجاً ويطفو من يطفو ويغرق من يغرق ، وتبدأ مرحلة جديدة من التملق والنفاق ، ويبدأ أيضاً الدس والانحراف من جديد لتدان بعد ذلك الإدارة العليا الجديدة التي تبدأ في الغرق هي الأخرى عبر تيارات الدس والتملق والنفاق ، وتفتح لها ملفات بذات الأسباب لمن قبلهم ، سواء بالزيادة أو النقصان ، قليلً أو كثيراً فذلك أمر نسبي يجري قياسه بمعيار درجة الفعل الظاهر وانحرافه .. السلوكي والمسلكي وتدور الأداة من جديد ، ويظل العامل الأكثر تأثيراً في الفساد الظاهر مختف وغير بائن ولا يمكن كشفه أو التنبه له إما بقصد أو بغير قصد ..!!

*

إنه لشئ عظيم كعظمة الفاتح العظيم أن تجري محاسبة هؤلاء المفسدين جميعاً على ما اقترفوه من خيانة للأمانة .. واستغلال للوظيفة العامة التي كلفوا بها ، إن الإمساك بالأفعى شئ جميل ، وكسر أنيابها شيء أجمل واستئصال الغدة السامة من رأسها شئ عظيم أيضاً ، ولكن كيف نضمن منع الأفاعى من التزاوج مع بعضها البعض فتنتج لنا أجيالاً جديدة تحمل ذات الصفات التي تم استئصالها ، لتبدأ رحلة جديدة تنفت سمومها في المجتمع .. في ظل مناعة مكتسبة تحصنت بها أثناء فترة الاعتقال وعقب عمليات البتر والاستئصال والمعالجة التي تمت معها .

*

إن قوة الأفعى فقط في رأسها الذي يمكننا انتزاع مقومات ما نعتقده القوة فيها من أنياب وغدة سموم ، ولكن القوة كل القوة في جهازها التناسلي الذي يعمل بمثابة معمل التفريخ وأداة الإنتاج المستمر لنفس الفصيلة بذات الصفات التي تحملها الأفعى المعالجة .. مع تحصيناتها المكتسبة ..
كذلك الأخطبوط مهما تعاظم حجمه لا تكمن قوته في رأسه الذي لا يحمل إلا دماغاً حجمه لا يساوي شيئاً مقارنة بحجم جسمه ، ولكن قوة الأخطبوط تكمن في أذرعه الممتدة في كل اتجاه وما تحمله ممصات منتشرة يلتصق بها كلما مكنته ظروف البيئة التي يتواجد فيها لتزداد قوته ويتمكن من إغراق فريسته التي لا تقوى على الفكاك من براثنه يلتف حولها ثم يغوص بها إلى أعماق سحيقة ، فتغيب عن الوعي وتفقد توازنها ويزداد قوة بازدياد قوة ضغط المياه وشدة التيارات الجارفة التي يعرفها الأخطبوط دون غيره .

*

إن الممصات المنتشرة في أذرع الأخطبوط والأنياب والغدد السامة في الأفاعي وحتى جهازها التناسلي ، كلها أدوات تستخدمها من أجل تحقيق المزيد من التطور الغريزي لبناء وجودها والمحافظة على استمرار هذا البقاء حتى ولو كان ذلك على حساب حياة كائنات أخرى . 
إن هذا العرض هو تماماً ما ينطبق على طبقات المجتمع ممن عاشت تطوراً شيطانياً خارج دائرة النمو الطبيعي لأفراده ، فكانت الغاية لديهم تبرر الوسيلة إما بالوراثة أو بالاكتساب – ميكيافيليون – قلباً وقالباً وعلى الرغم من المحاولات الجادة والمساعي الحثيثة للثورة العظيمة التي تستهدف تدمير تلك المفاسد التي يتضح جلياً أنها مدعاة لتدمير البنى الاقتصادية والاجتماعية .

*

الفساد وما أتخذ من تدابير وقائية كاقتلاع الأنياب والغدد السامة في الأفاعي والضرب على رأس الأخطبوط فما يزال الجهاز التناسلي للأفاعي والأذرع الطويلة وما تحمله من ممصات لم تطله يد التطهير بالكامل فما تزال الأفاعي الصغيرة التي تحمل ذات مواصفات الكبيرة المحجوزة تسرح وتمرح وتكبر وما يزال الأخطبوط يمد أذرعه منتشرة في كل اتجاه تلتصق بأي شئ خارج القفص ليعاود نشاطه من جديد .. ويستطيع أن يقتات مجدداً ولا ضير أن يظل فترة نقاهة سيخرج بعدها وتتواصل حياة الأفاعي حتى بدون الأنياب والسم معتمدة على جيل جديد يحمل نفس خصائص الكبار المبتورة أنيابها وغدة النفث عندها لتبدأ دورة الفساد من جديد بجيل اكثر مناعة أمضى شراسة وابلغ تأثيراً بما يحمله من خواص أيضاً جديدة .

*

إن القبض على رؤوس الفساد من سراق ومتجاوزي حدود ليس كافياً للقضاء على تلك الشراذم ممن عميت أبصارهم وغطت ضمائرهم في سبات عميق ، مادام أغلب الذين يعملون ويتعاملون معهم وهم كثر الذين لم يظهروا في الصورة ولا يزالون أحراراً ، وهم أيضاً مستمرون في حركتهم يديرون عجلة الاستغلال والسرقة بغاية الحذر والدقة واليقظة ويحركون معاولهم لأجل من هم في تاجوراء وعين زارة والجديدة ، فهناك من هم لا يزالون يركبون الشبح .

*

وحتى الكامري التي انتزعت ممن دفعته الحاجة إلى استبدالها بالدنانير لأنه يحتاج إلى العديد من ضروريات الحياة الأخرى الأكثر أهمية لفلذات أكبادهم . وقد استغل الأخطبوط والأفعى تلك الحاجة فحرمتهم حق التمتع بها .

*

       انه القدر … الرهيب فهل يمكن أن نوقف صنع القدر ؟ .. إذا كان الأمر كذلك .

       انها لثورة مستمرة .. سوف تدك معاقل كل أفاق أثيم .. وليحيا الفاتح العظيم .. نصرة لكل مظلوم .

 

عـودة