لسنا بحاجة للمساعدة 

اغلب الأحداث والصراعات العنيفة التي طغت على كافة أنحاء القارة الأفريقية مردها التغلغل الصهيوني الذي استغل ضعف القارة وارتهانها للمستعمر الأوروبي الدخيل وتسلل إليها لمد اخطبوبه وتشابك مصالحه خدمة لنواياه ومخططاته الشريرة خاصة من خلال توريط بلدان القارة الأفريقية التي لم تنل استقلالها آنذاك وهي من الأشياء الأساسية التي مهدت للتسرب الصهيوني و أسهمت في خلق تلك الظروف

 

فالصهاينة استغلوا كل الظروف لبسط نفوذهم على القارة منذ عدة عقود وعبر كافة القنوات السياسية والاقتصادية والعسكرية وعن طريق المعاهد والجامعات والبعثات الدراسية وغيرها إضافة إلى أن القارة شهدت فترة طويلة من الركود والارتهان وخضوعها بسبب مآسي ومعاناة من الاستعمار الغربي إلى ثقافة انجلو سكسونية فلم يتسن للرأي العام الافريقي والحالة هذه أن يعرف أو يعلم إلا ما كانت تريد له الدولة المستعمرة أن يعرف أو يعلم وبحكم الأمر الواقع.

ومن هنا استطاعت الدولة العبرية أن تستفيد من مثل هذا المناخ المصطنع في بعض الدول الافريقية وبتأثير مباشر من قبل الاستعمار الجاثم فوق الأرض الأفريقية والذي به خلق الظروف الملائمة التي ساهمت في دعم التغلغل الصهيوني.

ظروف شتى عملت على ترسيخ واقع التغلغل الصهيوني بداخل حدود القارة السمراء فالبلدان الأفريقية فقيرة في مجموعها ولكونها حديثة العهد بالاستقلال مما يعني بأنها في حاجة إلى مساعدات وهو ما أفسح المجال أمام الصهاينة لأن يبادروا بفتح ذراعهم وعرض مساعداتهم وبطرق خسيسة وشيطانية لإيمانهم القاطع بان التغلغل في أفريقيا يعني محاصرة الوطن العربي ليس جزئيا ولكن كلياً من المحيط إلى الخليج.

والعمل على محاولاته المعروفة لقطع شريان الوطن العربي والقضاء على المد التحرري والقومي الذي بدأ يدب في جسد الأمة العربية بعد تفجر ثورة يوليو المجيدة بقيادة جمال عبد الناصر الذي كانت له مواقفه المساندة لحركات التحرر الأفريقية وملاحقة العدو الصهيوني فوق الأرض الأفريقية رغم انشغاله الكبير بظروف الوطن العربي والأحوال السائدة آنذاك.

فالعدو استطاع أن يجد لنفسه موطئ قدم بداخل أفريقيا وهنا يتساءل المرء .. لماذا يقوم الصهاينة بمثل هذا العبور وعقد الصفقات مع عدد كبير من دول القارة رغم الجدار المنيع الذي أقامه العرب وأدى إلى عزل هذا الكيان بفعل نظام المقاطعة العربية ، إن المستعمر الغربي الذي صنع الكيان الصهيوني و أعطى له فلسطين بدون وجه حق وتشريد شعبها في غياهب الشتات كان وحده وراء تكسير ولو جزء من حاجز المقاطعة العربية الصارمة حتى تسلل الصهاينة إلى قلب القارة وسعوا لتحقيق أطماعهم القذرة.

اتركونا نبني جماهيرية الوعي في نفوسنا وقلوبنا وعقولنا ونعرف أين نحن من العالم ..وأين العالم منا ،… ماذا نريد من العالم ؟ وماذا يريد العالم منا؟ .. ماذا نقول ؟ ماذا نفعل ؟ ماذا نرغب؟ وماذا لا نرغب ؟ ماذا يعني لنا الرقم ؟ وماذا نفعل به ؟ وكيف نحافظ عليه ؟ وماذا يعني لنا الاقتصاد ؟ هل هو توزيع السلع التنموية .. وإصدار رخص الاستيراد ؟ أو هو تفعيل مواردنا .. وتدوير أموالنا .. ورفاهية شعبنا وزيادة حجم اقتصادنا .. والمحافظة على أصولنا؟

وبعد تفجر ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة عام 69ف بقيادة فارس الأمة وصقر أفريقيا معمر القذافي كانت هذه عودة الأمر الطبيعي للأمة التي مزقها أعداؤها ضد إرادتها وضد مصالحها ردحاً من الزمن فحملت راية الحرية لكل شعوب أفريقيا وعملت على مطاردة العدو الصهيوني بداخل أدغال أفريقيا وهو شعار نضالي كبير مشرف جسده القائد معمر القذافي لإيمانه الراسخ بان خطر العدو الصهيوني ليس حدوده فلسطين وأطماعه الشريرة في الوطن العربي

بل أن مخاطره ابعد من ذلك على أبناء الأمة العربية وشعوب أفريقيا لان العدو يعي جيدا حجم العلاقة التاريخية وأواصر الترابط الحضاري بين العرب والأفارقة منذ قرون طويلة وهو ما جعله أي العدو الإسرائيلي وتحت ستار استعماري أوروبي تختفي من ورائه المخالب الصهيونية حتى يتم تحويل أفريقيا إلى مصفاة تصب فيها القروض والمساعدات والخدمات الفنية وهي أساليب اغرائية يمارسها الإسرائيليون لتحقيق أطماعهم وتنفيذ مخططاتهم على ارض أفريقيا.

إذن الخطوة التاريخية التي توجت بقيام الولايات المتحدة الأفريقية كانت هي الانتصار العظيم لجماهير الأمة العربية وكافة عموم شعوب أفريقيا على المخططات الاستعمارية الإمبريالية ونفوذ القوى الصهيونية التي ظنت في البداية أن أفريقيا سهلة المنال ومرتعاً لأقدامهم النجسة ليحققوا من خلالها أطماعهم الخبيثة.

ولكن إرادة أبناء القارة السمراء حققت انتصارها النهائي والحاسم بقيادة معمر القذافي مهندس فكرة الولايات المتحدة الأفريقية ورائد الفضاء العربي الافريقي الكبير.

أفريقيا اليوم أصبحت أمام أمم وشعوب العالم عملاق العالم الجديد وحدودها خطوط حمراء يمنع تجاوزها أو حتى مجرد التفكير للاقتراب منها في حين سقطت أحلام الصهاينة وتبخرت أطماع القوى الإمبريالية مثل سقوط أوراق الخريف وكذلك أوراق التين.

عـودة