|
خلال
العقد
الماضي شهدت أوروبا جملة من القضايا
الساخنة بدءأً من الشرق إلى الغرب
الأوروبي …
توحدت دول وتفتت أخرى ، قامت الوحدة
الأوروبية رغم الخلافات والاختلافات
وانقسمت في المقابل تجاه التعامل مع
المواقع المتفجرة في البوسنة إلى كوسوفو
إلى صربيا (( جمهورية سلوبودان ميلزوفيتش ))
. |
·
مـا
أجمل هذا الوصف المحرك للمشاعر!…
لولا مسحة النفاق والأكذوبة التي يحملها هذا
المصطلح المجوف الذي يذكرنا بمخازي الزعامة
المزعومة بمجازر الخمسينيات والأربعينيات
والستينيات والذي وصل إلى قمة العرى في
السبعينيات والثمانينيات من هيروشيما إلى
الكوريتين إلى فيتنام ولاوس مروراً بفلسطين
وحتى اغتيال سلفادور اللندي وأكثر من ثلاثين
محاولة اغتيال لكاسترو مروراً بغرينادا
ونيكاراغوا بلدان الحديقة الخلفية لرمز ((
الحرية )) وتمثالها المأسور في مدخل نيويورك
البحري (( جزيرة مانهاتن )) .
·
بقدر
ما شهدته أوروبا خلال العشر سنوات الماضية من
تحركات وتغيرات بقدر ما كانت اليد الأمريكية
تتدخل بقفازات حديدية أحياناً وبيد حديدية
أحياناً أخرى .
·
ولعل
السؤال الحائر الذي ظل ملازماً للجميع خلال
هذا العقد لماذا تركت أمريكا الرصاص ينطلق
والدبابات تدخل إلى البوسنة والهرسك تقتل
المسلمين ؟ ولماذا صبت قنابلها على صربيا بعد
ذلك ؟
·
ولماذا
عندما كان الأمر يخص المسلمين وقفت كالدجاجة
؟ وعندما تعلق الأمر برفض الايعاز منها نفشت
ريشها كالديك المكسيكي وانقضت بكل قوتها على
نفس الذي كانت تباركه ؟ …
!
·
إنها
سياسة !!! وفي السياسة الأمريكية المصالح فوق
الضحايا …
إنها السياسة الدامغة والفاضحة لكافة
العبارات التي تلوكها أدوات الدعاية
الأمريكية للقيم والمثل والمبادئ … من
واشنطن إلى أخر قائمة الزعامات الأمريكية
المتعاقبة ودرة عقدها الجنون الريغاني .
·
ولأنها
سياسة فإنها بالنسبة إلى أمريكا وفيما يخص
أوروبا …
تستهدف بقاء القارة الأوروبية الصديق
الأمريكي وفي المقابل المنافس الدولي في حالة
توتر دائم ولعل أصدق دليل على هذا الأمر تفجير
الصراعات الأوروبية خلال هذا العقد ((
التسعينيات )) وفي نفس توقيت إعلان الوحدة
الأوروبية ضماناً لبقاء هذا الاتحاد
الأوروبي تحت الصراعات الداخلية (( الأوروبية
الأوروبية )) وتظل بذلك الحاجة ماسة إلى الحلف
الأطلسي واحد ركائزه الولايات المتحدة
الأمريكية أي السيطرة الأمريكية المباشرة
على أوروبا لحاجتها الملحة
في ظل تفجير هذه الصراعات إلى الحلف الأطلسي
وتدخلاته لحفظ الاستقرار في المنطقة .
·
وفي هذا
المجال يأتي تقديم الولايات المتحدة
الأمريكية لعشرات الملايين من الدولارات إلى
المعارضة اليوغسلافية لخوض الانتخابات ضد
" حكومة بلغراد " .
·
ونحن هنا
لسنا ضد المعارضة كما أننا لسنا مع "
سلوبودان ميلزوفيتش "ولسنا كذلك ضد مبدأ
تقديم الدعم والعون …
بل الهدف الذي أعطيت من أجله هذه الملايين …
هو بقاء يوغسلافيا منطقة تؤثر في أوروبا
وتستدعي الحاجة إلى إبقاء القوة الأمريكية
في أوروبا …
لأنه حتى نجاح المعارضة فإن يوغسلافيا لا
تريد لها أمريكا الاستقرار فلو كانت الأهداف
الأمريكية وراء تقديم هذه الملايين أهدافا
تصب في صالح الشعب والاستقرار في يوغسلافيا
لما قامت بالقصف الجوي والغارات الصاروخية
غير المسبوقة ضد بلغراد وبنفس الحجج التي
كانت تغض الطرف عنها عندما كانت الأمور تجري
وفق مصالحها .
·
إننا هنا
نؤكد أن " المفهوم الأمريكي " للقضايا
السياسية يختلف اختلافاً جذرياً عن كافة
المفاهيم الأخرى في العالم …
فالخصوصية الأمريكية في التعامل تنفرد
بمقومات يراها البعض عصية الفهم ونراها نحن
تصب في نفس العقلية الأمريكية التي تكونت
بتحالف جزء منه مكتوب وبقيته متعارف عليه
ومعروف …
وأوله أن القيم الأمريكية القائمة على "الآباء المؤسسين "
للمجتمع الأمريكي نتيجة " للهروب " الذي
حدث نحو القارة الجديدة تقوم على تدمير
العالم القديم ، باختصار عقلية الانتقام التي
تتولد لدى الطفل نتيجة شعوره القاصر بوقوع
الاضطهاد والظلم عليه من والديه .
·
ودعونا
نسأل
الطفل المريض … هل
ترضي أمريكا أن تقوم إيطاليا مثلاً بتقديم
مائة مليون دولار للأمريكيين من أصل إيطالي
لاجل الخوض في الانتخابات الأمريكية ؟ وتؤدي
إلى نجاح رئيس أو عضو في مجلس الشيوخ أو
النواب بأموال ودعم خارجي كالذي تريد أمريكا
أن تفعله في يوغسلافيا.
·
بالتأكيد
أن
الجواب سيكون بلا وأن الخيانة سوف تطال من
يفكر في هذا الأمر فلماذا يا أيتها الأمريكية
المشبعة بالقيم " ونقصد هنا سكرتيرة
الخارجية الأمريكية "من
أصل شرق أوروبي تفعلين ذلك مع المعارضة
العراقية وعلى مرمى ومسمع العالم بأجمعه
وتعطونهم 8 ملايين دولار بهدف الإطاحة بنظام
صدام حسين هذا عدا مئات الملايين الأخرى التي
ذهبت وصرفت بصورة سرية على هذا الهدف .
·
إن
الخيانة خيانة …
هنا في ليبيا او في العراق أو في يوغسلافيا أو
في أمريكا .. وإن مد اليد إلى الخارج وخاصة
عندما يكون وجهة نظر قابلة للرأي والرأي
الآخر …
إن الموضوع هنا يدخل في إطار إما الصحيفة التي
تقرأها الآن ورقها أبيض أو أسود وإما أن يكون
النهار بالشمس أما بدونها فإنه ليل.
·
نعلم
إن اللعبة الأمريكية في أوروبا تستهدف بقاء
القارة تحت مظلة الحماية الأمريكية خاصة بعد
زوال المبررات القديمة (( المد الشيوعي )) وما
أدراك ما هذه الاطروحات وغيرها .. ونعي تماماً
أن لعبة الانتخابات هي السبب وراء هذا التدخل
الأمريكية المفضوح ولدينا سؤال نختم به هذا
الموضوع وهو لماذا لم تقدم الولايات المتحدة
تلك الملايين وغيرها في مقابل ما قدمته إلى
المعارضة اليوغسلافية لإعادة أعمار البوسنة
والهرسك…؟
·
أن
السياسة الأمريكية في الوقت الحالي لا تستطيع
ذلك وإن حدث هذا فإن المصلحة الأمريكية سوف
تكون مليارات ول يهم الإنسان فهذه هي عقيدة
أمريكا زعيمة العالم الحر …
ويا فرحتنا بيها !
·
ومن
هذا وذاك فإن أمريكا هي ضحية مخططات صهيونية
تدفعها دائماً لتخريب العالم وعدم استقراره
فهل تعي أمريكا هذه الحقائق في هذه الألفية
الجديدة ؟ وفي إداراتها الجديدة وتقلع عن
أسلوب القوة والتدخل في الشؤون الداخلية
للغير ؟!
·
وهل
تعي أمريكا صحوة الشعوب التي لم تعد تنطلي
عليها أساليب التضليل والخداع والمدفوعات
بدون ضرائب ؟ فالشعوب
تفهم حقيقة الذين يمدون أيديهم إلى أمريكا …
وتعي أنهم وحدهم من سيدفع الضريبة.