الأنظمة الاصلاحية ذات الحلول التلفيقية



مدخل: 

إن الأنظمة الرأسمالية والانظمة الماركسية ليستا المقصودتين بقولنا" أنظمة إصلاحية ذات حلول تلفيقية". 

فالنظام الرأسمالي الذي قام على المذهب الحر وفق وقاعدة" دعه يعمل دعه يمر" هو الذي أدى إلى تراكم الرأسمال وتركيزه خالقا بذلك فروقا طبقية صارخة بفعل النظام الاقطاعي والاستغلالي البرجوازي، الذي تراكم حتى تعفن. 

فكان أن جاءت الماركسية كرد فعل لتعفنه وسحقه للطبقات الفقيرة التي تشكل أغلبية المجتمع، حيث تكدست الثروة بيد أقلية قوامها الطبقة الرأسمالية المستغلة. 

فكانت الماركسية حلا جديا، لأنها رد الفعل للرأسمالية ولكنها قلبت العالم من وجهه الرأسمالي إلى الوجه الماركسي الذي يشكل الجانب الآخر من العملة نفسها. حيث أمكننا أن نعرف بالتحليل ان العالم لم يتغير أي شيء جوهري فيه، بسبب أن المجتمع الماركسي هو بكل المقاييس العلمية وريث المجتمع الرأسمالي في جميع وظائفه. إي أن الدولة الرأسمالية التي تكونت في المجتمع الماركسي هي وريث حقيقي للطبقة الرأسمالية في جميع وظائفها وسلوكياتها، رغم أنها قامت بالثورة ضدها واسقطتها وحلت محلها. 

وحين قامت الدولة الماركسية، قام ما يجب أن نسميه رأسمالية الدولة على أنقاض الطبقة الرأسمالية، تقوم بجميع وظائفها وتحافظ على مصالحها بذات العلاقات التي كانت سائدة ببن الطبقة الرأسمالية وأفراد الشعب. 

بل إن الدولة الرأسمالية حاكت الطبقة الرأسمالية في سلوكياتها ووظائفها حتى أنعدم الفرق بينهما، فتحقق في أيدينا نظام ماركسي هو الوجه الثاني لذات العالم الرأسمالي، حتى لا يستطيع خبير إذا رأى مؤسسة ماركسية أن يجزم إن كانت تلك المؤسسة ماركسية أو رأسمالية. بل ان المحاكاة الشديدة التي تنتهجها الدولة الرأسمالية لسالفتها الطبقة الرأسمالية، جعلتهما متطابقتين في كل الأمور، ففي الادارة، نجد إدارة المؤسسات الماركسية تحاكى محاكاة كاملة نظيرتها في نظام رأسمالية الطبقة، حيث تتطابق معها في انتاجها- شكلا وطريقة- وتعامل العمال بنفس المعاملة، منصرفة باسعار السلع كما هو الحال في نظام رأسمالية الطبقة، لتضغط على المستهلك. حتى أن نجاح المؤسسة يعتمد حساب الربح والخسارة، بمعنى ان تلك المؤسسات التي تجلب موردا فوق انتاجها، يفوق تكلفة سلعها هي مؤسسة رابحة.. فهم يسمون الزيادة التي تفوق سعر التكلفة ربحا، أما تلك المؤسسات التي لا توفر ذلك المورد فهي خاسرة طبعا. 

ومن هنا توحد النظامان-رأسمالية الطبقة ورأسمالية الدولة - في غاية النشاط الاقتصادي لديهما، التي هي تحقيق الربح. 

بل إن تركيبة المجتمعين من حكومة وشعب، وارباب عمل واجراء لهم، ووجود الادارة والمؤسسات الى تسند بقاء النظام كالجيش والشرطة تجعلنا نجزم بشكل نهائي بعدم تغيير شيء في جوهر العالم أثناء حدوث الانقلاب الماركسي. 


الانظمة الاصلاحية: 

بالإضافة إلى ذينك النظامين(رأسمالية الطبقة ورأسمالية الدولة) يوجد في العالم نظام أخر واسع النطاق يثمل كل الأنظمة الاصلاحية ذات الحلول التلفيقية. 

يتكون من تلك الأنظمة المتذبذبة التي لم تختر طريقا جذريا بين النظامين السابقين، ولم تتخطاهما إلى حل بديل عنهما. وماعدا تلك البلدان الرأسمالية التي تعد مستعمرات للعالم الغربي الرأسمالي أو تلك التي انتهجت الماركسية، فإن بلاد العالم كلها هي على هذا النظام التلفيقي فمن الهند إلى امريكا اللاتينية، مرورا بالوطن العربي. وافريقيا وبعض بلاد آسيا الاخرى تتبع جميعا طريقة توفيقية بين مجموعة حلول متناقضة وغير علمية تستعملها كمسكنات مهدئة لمشكلات تتطلب البحث عن حلول جذرية. ولعل أخطر شيء على مستقبل تلك البلدان هو اعتقادها بوصولها إلى حل مناسب باعتمادها تلك الطريقة التلفيقية في التعامل مع مشكلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وحين نحلل تركيبة هذه الأنظمة وبنيتها الاقتصادية والسياسية ينضح لنا معها التلفيق الذي تعتمده، ومدى التذبذب الذي تتخبط فيه سياسة واقتصاداً، ولكن تذبذبها هذا لا يمكن أن يستمر إلى ما لانهاية، إنها اذا لم تتمكن من ايجاد البديل السليم لتذبذبها، تضطر في نهابة المطاف أن تصبح ماركسية إذا تغلب الاتجاه التقدمي فيها، أما إذا تدهورت أوضاعها وتغلب الاتجاه الرجعي فإنها ستصبح رأسمالية لامحالة. 

فمصر التي كانت مثلا يحتذي في إطار الأنظمة الاصلاحية المعاصرة في زمن حـكم عبد الناصر، تراجعت نحو اليمين بعده، وقد كان نظامها تقدميا وتحرريا، إلا أن التركيبة الاجتماعية لها اقتصاديا وسياسيا كانت اصلاحية تلفيقية بحتة، في جميع المجالات الزراعية والصناعية وفى مجال استخدام رأس المال، وفي توزيع الانتاج، ولم يكن ثمة حل جذري في المجال السياسي، مما أدى إلى تدهور الأوضاع بعد موت عبد الناصر، فتحولت الدولة بعده إلى دولة رأسمالية، تسيطر عليها الطبقة الرأسمالية وقوى الاستغلال المحلية. متحالفة ومدعومة بالرساميل الاجنبية. 

وهكذا إذا لم يتحقق حل جذري جديد، يتجاوز الرأسمالية والماركسية، فإن أية دولة اصلاحية تنهج النهج التلفيقي محكوم عليها حتما بالتحول إلى دولة رأسمالية أو إلى دولة ماركسية، حيث أن التذبذب والتلفيق بين الحلين السابقين لا يمكن أن يستمر طويلا. 


نماذج من الحلول التلفيقية: 

يحاول الإصلاحيون التلفيقيون معالجة القضايا والمشكلات بحلول وسطية بين النظامين السابقين، دون أن يغلبوا أحدهما على الآخر، لأنهم إن غلبوا أحدهما على الاخر لم يعودوا تلفيقيين، فإما رأسماليين بعد ذلك أو ماركسيين. 

فلو أخذنا مثالا على ذلك في مجال الزراعة.. 

فإنهم لا يتقبلون الاقطاع المطلق، ولكنهم لا يقدمون بديلا جذريا عنه، ويتخلصون بطريقة تلفيقية تجعل الاقطاع موجودا ولكن بصورة مخففة بعض الشيء، حيث يلجأون إلى تقليمه تقليما- ضعيفا أو قويا- بتحديد الملكية الزراعية مثلا. حين يقومون بتسمية حد أعلى لملكية الأرض، وربما حد أدنى أيضاً، لكن المشكلة تبقى قائمة دون حل حيث أن الارقام التي يقدمونها لا يمكن اعتبارها ارقاماً ثابتة لملكية الارض، فمنهم من يحددها بمائة فدان أو الف. وآخرون يحددونها بمائة هكتار أو الف هكتار كحد أعلى، ويعتقدون بأن القانون كاف للمحافظة على هذا الرقم وترسيخه دون السماح بتجاوزه أو التخلي عنه، ولكن القوانين ذاتها ليست ثابتة وغير محمية على الاطلاق في البلدان الإصلاحية التلفيقية ففي أغلب الحالات تلغى القوانين حالا بمجرد غياب الحكم الذي سنها، هذا إذا لم تعدل في ظل حكم أولئك الذين صاغوها. 

ففي مصر كانوا يقولون إن على كل فلاح أن يملك ما لا يقل عن خمس افدنة وما لا يزيد عن خمسين فدانا.. بعدما خفضوا الحد الأعلى للملكية عن المائتى فدان. 

وفي مجال رأس المال وارباب العمل نجد مثالا آخر واضحا لمحاولات ايجاد حلول تلفيقية، ففي يوغسلافيا يحرمون رب العمل الخاص من استخدام أكثر من خمسة عمال، فإذا تجاوزهم، تؤمم الحكومة ملكيته لأنه صار مستغلا! وصاحب ملكية كبيرة لا يجب أن تكون موجودة في مجتمع ماركسي؟! وهكذا يلجأون إلى تحديد الملكية وتحديد دخل الشركات المساهمة الوطنية والجمعيات الاستهلاكية والتعاونية، واللجوء في النهاية إلى احتكار الحكومة لبعض المواد، حيث تستوردها وتعرضها للبيع تحت إشرافها المباشر ورعايتها، لأن تلك المواد أساسية وضرورية لأفراد الشعب، لكي تحول دون التلاعب باسعارها. غير أن ذلك لا يكفى، فالتلاعب لا يمكن انهاؤه بسيطرة الحكومة واحتكارها لاستيراد السلع وتسويقها بل هو يزيد ويكبر في ظل هيمنة ما عرف بالقطاع العام. 

إن التلاعب بالسلع الضرورية للناس وباسعارها لا يمكن أن ينتهي بقرار حكومي، بل ينتهي ببناء المجتمع على أساس اقتصادي جديد لا وجود فيه لأي امكانية للتلاعب. 

ومن هنا كان لابد من إلغاء التجارة الخاصة الاستغلالية حتى لا يتحكم أحد بالجماهير الشعبية عن طريقها، باعتبارها مصدر الاستغلال الرئيسي في المجتمع، على أن تقوم بدلا منها متاجر الشعب، التي يبيع الشعب فيها لنفسه بثمن التكلفة، فينتهي التلاعب بالاسعار نهائيا. بالغاء التاجر الذي يرفع سعر السلعة إلى أقصى ما يستطيع ولو أدى به ذلك إلى تحويلها إلى السوق السوداء ليرفع سعرها بشكل غير معقول مستنزفا ثروات المجتمع، وجامعا لها في يده ليتمكن بعد ذلك من التحكم بمصير الناس الذين أقدموا على شراء بضاعته. 

إن أغلب التجار يعلقون بمتاجرهم رخص تسمح لهم بمزاولة هذا العمل الضار بحياة الناس، كما يعلقون قوائم تحدد أسعار سلعهم التي يقتنونها، غير أن تلك الرخص لا تعنى شيئا سوى التغفيل مثلها مثل قائمة الاسعار لا تدل إلا على الاعتراف" الربح المحدد" ولكنها في واقع الأمر طريق الربح غير المحدد، فليس هناك من يستطيع إلزام التجار بربح محدود، حتى المستهلكون أنفسهم لا يمكنهم الاعتراض على سعر السلعة التي يدفعون ثمنها من دمهم وعرقهم، "ففي الحاجة تمكن الحرية" إنهم يتهافتون على السلعة التي يحتاجونها مرغمين بفعل الحاجة. ولست أقصد بان الربح المحدود له مايبرره، إنه مجرد سرقة ولكنها سرقة قانونية مدعومة برخصة تجارية. 

حتى إذا جاءت الحكومة لتحتكر عددا من المواد الاستهلاكية على أساس أنها مواد ضرورية للمواطنين ولا يصح التلاعب باسعارها، فان المواطنين في حقيقة الأمر سيعانون من التلاعب في سلع أخرى لم تقم الحكومة باحتكار تجارتها، هذا إذا لم تصل يد التجار لتتلاعب بالمواد المحتكرة من قبل الحكومة وهو ما يحدث عادة. 

فالمجتمع المحتاج لعشر سلع استهلاكية تحتكر الحكومة منها اربعا باعتبارها أساسية وتقوم التجارة الخاص بالتحكم بالسلع الأخرى ترفع أسعارها كيف تشاء أو تخفيها لتقلل المعروض منها حتى يكثر الطلب عليها لترتفع بذلك أثمانها، إن هذا المجتمع قد سلك بهذه الطريقة حلا تلفيقيا لا يمكنه أن يقاوم الاستغلال مهما حدد أسعار السلع التي تتحكم بها التجارة الخاصة، لأنها ستتلاعب باسعار هذه السلع ولو اضطرتها مصلحتها إلى بيعها في السوق السوداء.

كذلك المجتمع الذي يسمح باستخدام العمال من قبل أرباب عمل، مكونين بذلك مجتمعا طبقيا من السادة والعبيد الذين يمثلهم أرباب العمل والعمال. لكنهم يحاولون التغطية على هذه العلاقات الظالمة التي تجسد العبودية والاستغلال، بإدخال اصلاحات تلفيقية لتخفيف وطأة تلك الأوضاع الظالمة، فيصدرون قوانيناً تمنع رب العمل من فصل العمال تعسفياً، و لكن العمال يرفضون ذلك النظام الاجتماعي البشع الذي يسمح بوجود سادة وعبيد، أرباب عمل وعمال... مؤجرين وأجراء، ولا ترضيهم الاصلاحات السطحية التي لا تكفى للقضاء على أوضاع الاستغلال والعبودية التي يعيشها الأجراء، وهكذا مرة أخرى يصدرون قانونا جديدا، يقرر زيادة الأجرة للعمال، ويضع حدا أدنى للأجور.

إن هذه السلسلة من الاجراءات التلفيقية هو ما تقوم بعض الانظمة التي تعتبر نفسها ثورية وتقدمية باتخاذها، حيث يحددون الحد الأدنى لأجور العمال معتبرين انفسهم قد حققوا معجزة عظيمة لكنهم يجدون العمال وقد استمروا في المطالبة بحقوقهم، فيعودون إلى رفع الحد الأدنى للأجور مرة ثانية وثالثة، ويمنعون الفصل التعسفي ولكن ذلك كله لا يكفى، فالعمال سيستمرون في المطالبة بحقوقهم، ولكنهم لا يعرفون النهاية السعيدة لنضالاتهم من أجل العدالة، فقمنا هنا في ليبيا بتحريضهم وتعليمهم لتتضح الرؤيا أمامهم، وقد استغرقنا سنة كاملة نشرح للعمال مقولة شركاء لا أجراء وكيف يمكن تطبيقها.. واوضحنا لهم الطرق التي تتم عن طريقها سرقة جهد العمال، حتى اذا وعوا ذلك كله قاموا بالثورة، واستولوا على المؤسسات الانتاجية واصبحوا شركاء لا أجراء، وسيطروا على الادارة، وأخذوا حقهم في الانتاج، بعدما الغوا الربح لأنه لا يعنى سوى الاستغلال والسرقة من قبل رب العمل لجهد العمال.. 


من أين يأتي الربح؟

إن العامل الذي يعمل عشر ساعات يقوم رب العمل بسرقته حيث يقتطع منه انتاج خمس ساعات لنفسه ويسميها ربحا، ويسلمه انتاج خمس ساعات فقط. ورغم الوضوح في هذا الموضوع الا أن الانظمة الاصلاحية التلفيقية تسن قانونا بعد ذلك لمشاركة العمال في الأرباح، أي أن يتحصل العمال على نسبة ما من انتاجهم المسروق منهم. 

فالعامل الذي سرق منه رب العمل خمس ساعات قد يعيد إليه ساعة منها، وهو حل تلفيقي ليس له أثر ايجابي على نضال العمال من أجل حقهم، الذي سيستمر حتى لا تكون هناك أية سرقة لجهد العمال، ولا يكون هناك أرباب عمل اطلاقا، وحتى يكون الذي ينتج هو الذي يستهلك انتاجه. 

كما أنه لا معنى لجميع تلك القوانين التي تسن من أجل منع فصل العمال تعسفيا، فهي لا تعدو أن تكون حبرا وورقا حين يكون باستطاعة رب العمل إيجاد المبررات القانونية لإجراءاته بفصل العمال العاملين معه. فرب العمل قادر على جعل فصل عماله قانونيا وليس تعسفيا إذا أعلن افلاس شركته، وأبدى عدم قدرته على استيفائهم لمستحقاتهم أو إذا غير نوع نشاط شركته إلى نوع آخر، فلا يكون أمام العمال إلا الانسحاب ومكابدة البطالة، والإقرار بإرادة رب العمل، الذي كان يعمل مقاولا ثم شاء أن يتحول إلى تاجر، فيقوم بتصفية اعماله السابقة وفقا للقانون المعمول به، ويتجه الى عمل جديد تاركا العمال الذين عملوا له لمصيرهم المجهول، بعد أن يسترضيهم ببعض الهدايا ويلتقيهم في حفل ينظمه لهم على حسابه الخاص! مبينا لهم بأنه مضطر لإنهاء أعماله في هذا المجال بسبب كبر سنه، أو بسبب انخفاض ارباحه.. الخ. 

أما إذا رفض العمال التخلي عن عملهم، وجازفوا حتى بالاستيلاء على المنشآت التي يعملون بها،. مقدمين الدليل على كذب ادعاءات رب العمل، فإن الحكومة الرأسمالية وفقا للقوانين المعمول بها هي التي تتكفل باخراجهم وبتنفيذ إرادة رب العمل. 

إن القوانين التي تقرر تحديد الملكية وتحديد الدخل لا يكون لها أي معنى، مادام النشاط الخاص الاستغلالي مسموحا به أصلا، كما أن الضرائب التي تفرض على الدخول الخاصة، وهى تلك الضرائب التصاعدية التي يراد لها أن تحد من الدخل لجهة في المجتمع، لتساهم في تقريب المستويات الاقتصادية لأفراده، لن تكون مؤثرة، لأن النشاط الاقتصادي الاستغلالي لا يعرف الحدود، ولا تستطيع القوانين أن تلزمه بنظام محدد ولا بمستوى معين. 

إن اللجوء إلى هذه السلسلة الطويلة من القوانين هو نموذج من التلفيق لمعالجة المشكلات الأساسية للمجتمع عن طريق تحديد الدخل وتحديد الملكية والحد الادنى للأجور وتحديد الاستخدام لليد العاملة ونظام المشاركة في الارباح وإقامة الجمعيات الاستهلاكية التجارية. ولا يمكننا أن نسمى أياً من هذه الأساليب حلا، وإنما هي محاولات تلفيقية واصلاحية تثبت التجربة العلمية بطلانها سريعا لتعود المشكلات للتفاعل بشكل أشد. 

فالجمعيات الاستهلاكية ليست سوى متاجر عادية، حيث يقوم مجموعة من الناس بإقامة متجر يديره بعضهم، في حين يواصلون هم اعمالهم العادية، وتحقق جمعيتهم الاستهلاكية ارباحا من المستهلكين، إذن فهم يمارسون التجارة الخاصة الاستغلالية ويستغلون المستهلكين، عن طريق متجر جماعي استغلالي هو الجمعية الاستهلاكية التعاونية، التي لم تحل مشكلة التجارة الاستغلالية. 

أما حينما يؤسس الاصلاحيون التلفيقيون الشركات المساهمة الوطنية والتي هي عبارة عن خليط بين أموال حكومية وأخرى يقدمها الرأسماليون الاغنياء. فإن غرضهم هو وضع هيمنة محدودة من قبل الحكومة على القطاع الخاص الاستغلالي لعلهم يتمكنون من الجامه ويحدون من طغيانه، لكن ذلك لا يتحقق، وتبقى هذه الطريقة تلفيقا مجردا لا يغني عن الحل. 


إلغاء الرأسمالية: 

إن وجود رأسمالية هو مشكلة مهددة لتقدم المجتمع بغض النظر عن كونها رأسمالية وطنية أو أجنبية خاصة أو حكومية.. إن الحل الجذري الوحيد والسليم هو الغاء الرأسمالية بجميع أشكالها سواء أكانت رأسمالية الطبقة المستغلة أو رأسمالية الدولة. 

فالرأسمالية هي الرأسمالية لا فرق فيها، فليس ثمة فرق بين العمال الذين يعملون لرب العمل الرأسمالي الفرد وبين العمال الذين يعملون لرب العمل الرأسمالي المتمثل بالحكومة الرأسمالية.. إنهم جميعا يعانون نفس الظروف، ويقاسون الاستغلال ويطالبون في الحالتين بتحسين أوضاعهم وزيادة أجورهم وتقليل ساعات عملهم.. وهم في الحالتين يثورون ضد الإدارة ويضربون ويعتصمون.. ويتظاهرون.. ولم يظهر أي اختلاف بين العامل الذي يعمل لشركة خاصة والعامل الذي يعمل لشركة حكومية، ورغم ذلك فهو حل تلفيقي فحواه المزاوجة بين النظامين رأسمالية الطبقة ورأسمالية الحكومة، بمعنى وجود القطاعين العام والخاص معا في محاولة للتعايش، ولكن ذلك لا يلبث أن يتخذ شكلا رأسماليا عاديا يسمح بمزاولة النشاط الاقتصادي بلا حدود، ويؤدى إلى أن تبتلع الشركات الكبيرة نظيراتها الصغيرة، وسرعان ما ينشأ الاحتكار الرأسمالي، فليس في مقدور الشركات الصغيرة الصمود طويلا في مواجهة الشركات الكبيرة، وليس في طبيعتهما التعايش.. بل هو أمر مستحيل لا يمكن أن يتوفر بين القطاعين العام والخاص.. ولا بد لأحدهما أن يبتلع الآخر ويطويه نهائيا في ظل أوضاع المزاحمة والصراع الرأسمالي الذي ينشأ بينهما فور محاولتهما اقتسام مجال الاستغلال الممكن لهما. 

وهكذا فان محاولات الاصلاحيين من مشاركة العمال في الأرباح ومشاركتهم في الإدارة، وتحديد ساعات العمل.. وإقرار حد أدنى للأجور، ووضع التسعيرة على السلع التي تتداولها التجارة الخاصة الاستغلالية لا تعدو أن تكون محاولات تلفيقية محكومة بالفشل علميا وعمليا. 

لقد صار بإمكاننا أن نستمع إلى شعار يتردد في الكثير من البلدان يقول:" يجب الضرب بيد من حديد على التجار الجشعين". وليس هذا سوى شكوى صريحة تصدر بسبب الظلم الذي لحق الناس من جراء التجارة الخاصة الاستغلالية، وهو الأمر الذي لا علاج له سوى إلغاء هذا النوع من النشاط الاقتصادي الذي يعتمد الاستغلال وينافي قواعد النشاط الاقتصادي الاشتراكي الانتاجي. أما حين القبول بوجود مثل هذا النشاط فإن المستهلكين لا يمكنهم تحت ضغط حاجاتهم الا الإذعان لسطوة الاستغلال رغما عنهم، فيتصرفون ضد مصالحهم، حتى وأن كانوا يدركون الاضرار الناجمة عن تصرفاتهم تلك، حين خضوعهم للاستغلال، ولكنهم يبررون دائما بان لا حيلة لهم. 

إن المحتاج ليس حرا في قراره واختياره، ففي الحاجة تكمن الحرية، وهو مدفوع تحت ضغط الحاجة إلى القبول، باستغلال الآخرين له. 

مثال: 

حين تكون محتاجا حاجة ماسة لقطعة من الارض يملكها آخر وتكون الحكومة قد وضعت تسعيرة لسعر المتر الواحد من هذه الارض بدينار مثلا، ولكن مالكها يرفض البيع حسب التسعيرة ويقرر أن يبيع في السوق السوداء بسعر أعلى أضعاف المرات، فهل ستقبل الشراء منه وفقا لما يريد؟ 

إن المحتاجين يقبلون دائما، وتراهم يرضخون لأساليب الاستغلال بلا تحفظ تحت ضغط حاجاتهم. 

فحين تكون الأرض مقسمة بين عدد من الرأسماليين، يكون وضع تسعيرة لها عملا عبثيا لا معنى له.. وحين نسمح بملكية الأرض الزراعية لشخص أو مجموعة من الأشخاص، فإن تحديد الحد الأعلى والادنى للأرض الزراعية ليس حلا في واقع الأمر.. وحين نسمح للرأسمالية بالعمل فإن محاولة إجراء تعايش بين نماذجها المختلفة ووضع شروط. قانونية لها لن يكون حلا على الاطلاق.. 

وحين يكون هناك عمال وارباب عمل، فإن أي قانون نسنه ليس سوى تنظيم لعلاقة مجحفة بين سيد وعبد.. إنها مجرد تلفيق وحين نضخمها بقولنا محاولات اصلاحية لا يمكنها أن ترقي إلى مستوى الحل الجذري، الذي تكون الانظمة الاصلاحية أبعد ما تكون عنه بسبب نظامها السياسي التلفيقي. 

إن الأنظمة الاصلاحية هي أفضل من الانظمة الرأسمالية التي وجد النظام الاصلاحي بسبب الثورة عليها. 

إن معظم الانظمة السائدة الآن في العالم المعاصر هي انظمة إصلاحية ذات حلول تلفيقية، لا شك أنها قد بذلت جهدا من أجل الاصلاح، ولكن جهدها كله يقع داخل دائرة التلفيق، الذي يجعل منها أنظمة مؤقتة مهزوزة، تعيش. على الاستغلال والعسف، وهي مضطرة لذلك، فليس. ما يدفعها هو الخيانة أو عدم الصدق في مواجهة المشكلات التي تنتاب مجتمعاتها، وإنما بتجدد مرضها الأساسي في قصور الرؤيا لديها، وعدم وجود بديل عن الرأسمالية التي رفضتها وانتفضت ضدها، وعن الماركسية التي لم تتقبلها واعتبرها شرا آخر لا يجب الوقوع في برائنه.

وصار عليها أن تلـفق وتتـذبذب بين مختلف التوجهات مختلقة حلولا سطحية، كثيرا ما تلجأ في ايجادها إلى الرأسمالية والماركسية في محاولة للمزاوجة بينهما، ولو قدر لها أن تجد بديلا عنهما لما آلت إلى هذا التخبط والفوضى الذي تعانيه نتيجة قصور الحلول التلفيقية التي انتهجتها. 

وحتى في ليبيا بعد تفجر ثورة الفاتح العظيم وقع اللجوء إلى بعض الحلول التلفيقية بسبب الرفض الشديد للرأسمالية باعتبارها تخلفا مطلقا، وبسبب عدم الاقتناع بالماركسية من حيث إنها لم تعد حلا.. ولكن التلفيق لم يكن ليستمر، فقد كان البحث يجرى عن حل جذرى، ظهر بعد ذلك في الكتاب الأخضر الذي تجاوز بطرحه الفكر المطروح رأسماليا وماركسيا، وانفسح المجال بالكتاب الاخضر لظهور فكر ما وراء الماركسية، وما وراء اليسار.. وانفسح المجال لاكتشاف امكانية قيام نظام جديد ذي حلول جذرية نهائية يتجاوز كل الحلول المطروحة في العالم المعاصر. 

ولعل النظام الجديد كان نتيجة الازمة في العلاقة الجدلية بين. الرأسمالية والماركسية، فكان لا بد من البديل الثالث. 

وحتى وفقا للمنطق الجدلي" الديالكتيكي" الذي تعمل به الماركسية-حين نسلم به- فإن الازمة في العلاقة الجدلية بين المعطيتين الرأسمالية والماركسية تكون نتيجتها حتما شيئا ثالثا يحل بدلا عنهما. إن هذا كاف لاقناع الماركسية تماما، ولكنه من الصعب قيام النظام الماركسي بهدم نفسه عند ايجاد نظرية جديدة. 

إن أزمة حقيقية قد وجدت في العلاقة الجدلية بين الرأسمالية والماركسية بسبب أن الرأسمالية لم تحقق الحل المطلوب لمشكلات الانسان ومعاناته المزمنة وإنما أدت إلى قيام نظام استغلالي عبودي متعفن، كما لم تقدم الماركسية التي كانت رد الفعل للنظام الرأسمالي أي جديد سوى نظام عقيم، قتل الديمقراطية الشعبية وأقام دكتاتورية أبدية للحزب الماركسي، الذي تسنى له- إذا لم تتبدل الظروف- أن يهيمن على المجتمع الماركسي إلى الأبد. 

ولكن، لماذا نقول يهيمن إلى الأبد؟! 

لأنهم يقولون إن هيمنته ستستمر حتى تتحقق الشيوعية.. الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فتختفي الدولة ويسير المجتمع ذاتيا.. الأمر الذي لا نرى بأنه سيقع إذا كان طريقهم إليه هو الحل الماركسي، ولذلك نجزم باستمرار الدكتاتورية التي يفرضها الحزب الماركسي، الذي يرى بأن أي حديث عن رفض دكتاتوريته هذه إنما هو ردة باتجاه الرأسمالية والبرجوازية وجبت مقاومتها دمويا.. ويرى عدم الثقة بالجماهير ما لم تتحقق الشيوعية.. فيجب ألا تمنح أي قدر من السلطة، ويجب أن تقام المجالس التي يسمونها شعبية"السوفييتات" من اعضاء الحزب الماركسي وحدهم.. لأنهم موثوقون. لدى الحزب، وقادرون على تنفيذ تعاليمه الماركسية اللينينية التي تقود المجتمع باتجاه الشيوعية!..

وهكذا ستظل الجماهير الشعبية محرومة من أي ممار للديمقراطية إلى الأبد أيضا! 

أما الانظمة الاصلاحية فإنه ليس بمقدورها الاستمرار في تذبذبها إلى الأبد، فهي إما غلب عليها الاتجاه اليساري وقادها إلى الماركسية، وإما انتكست باتجاه اليمين وعادت ادراجها لتلتحم بالرأسمالية. 

إن أولئك الذين لم يقتنعوا بالماركسية كانوا قد ثبت لهم أنها تسير في طريق مسدود، ولا يمكنها أن تكون الحل المرجو. 

وإذا استبعدنا الجانب الديني في الماركسية من تقييمنا فنحن نرفضها لأنها تفرض دكتاتورية أبدية على الجماهير الشعبية التي لا يكون لها أي دور إلا أن تنتج كمثل خلية النحل حيث تعمل الشغيلة جميعها لصالح الملكة. يقول الشيوعيون" بأنهم يبنون مجتمعا من النحل هدفه الوصول إلى الشيوعية، إننا نقف طابورا واحدا ليس له أي قيمة.. إلى أن تتحقق الشيوعية..".

ونحن لا نقر هذه الدكتاتورية، بل ندعو إلى أن تمارس الجماهير الشعبية الديمقراطية المباشرة بشكل فعلى. 

كما نرفض المذهب البيروقراطي الذي يكدس الثروة في يد الحكومة فتنفقها بمفردها- متجاوزة الجماهير الشعبية- بالصرف على برامج لم توافق الشعوب على تمويلها من مثل برنامج الفضاء أو البرنامج النووي، مع أن هذه البرامج تقتطع تكاليفها الضخمة من جهد هذه الشعوب التي لا يكلفون انفسهم حتى عناء استشارتها، حيث تصدر القرارات بشأن هذه البرامج من جهات فوق الجماهير، مثل مجالس" السوفييتات" ويعتبرون ذلك منتهى الديمقراطية حتى انهم يسمون انظمتهم بعد ذلك"بالديمقراطية الشعبية(.. حيث ان نظامها قـائم على المجـالس الشعبـية(السوفييتات). ولكنهم لا يسمحون للشعب بممارسة حياته بحرية بحجة احتوائه على البرجوازيين والرأسماليين والتحريفيين، الذين يتوقع منهم الانحراف بالمجتمع خلافا لما تراه الماركسية. 

الحل: 

إن الحل الذي ينقذنا من النظام الرأسمالي المتعفن والمتخلف.. ومن النظام الماركسي البيروقراطي والدكتاتوري.. ويخرجنا نهائيا من دائرة، الانظمة الاصلاحية ذات الحلول التلفيقية.. هو أن نتجاوز إلى ما بعد اليسار وما وراء الماركسية، لنقضي على الازدواجية التلفيقية والثنائية الاصلاحية، ونجد حلولا جذرية مباشرة لكل المشكلات المستعصية التي نبحث لها عن حل.


فمشكلة الأرض: يمكن حلها نهائيا عندما تصبح ملكا للجميع وليست حكرا على أحد، فيمكن لكل محتاج لاستغلالها أن يستغلها لمنفعته.. وليس له الحق في تملكها ملكية رقبة.. فحين يقوم مزارع باستغلال أرض زراعية فإنه إذا مات أو تغير نوع نشاطه يترك الارض الزراعية ليستغلها مزارع غيره، ويتجه هو إما إلى المقبرة أو إلى قطعة أرض تناسب نشاطه الاقتصادي الجديد. 

فحين تكون الارض ملكا للجميع وليست ملكا لأحد بعينه، فإن لكل إنسان حق استغلالها بجهده الخاص لإشباع حاجاته، دون استخدام غيره بأي عذر، ويكون هذا الحل جذريا، وقابل لترسيخ نفسه دون حاجة إلى رقابة أو منح رخصة في استخدام الأرض.. ودون الحاجة إلى سن قانون يحدد مساحة الارض التي لك أن تستغلها، حيث يقوم جهدك الخاص بمهمة تحديد هذه المساحة، فحين تأخذ محراثا وتتجه بنفسك إلى قطعة من الأرض، ويأخذ كل المزارعين مثلك محاريثهم، فإن كلا منكم سيقف عند حد معين لا يمكنه تجاوزه وفقا لجهده، في الوقت الذي لا تكون فيه الفروق بارزة. 

إن الصراع والتدافع سينتهيان على الأرض حين يكون على كل فرد أن يبذل جهده فقط دون أن تتاح له فرصة استغلال غيره، وأن تكون الفرص التقنية متساوية من حيث الحصول على الآلات التي يجب أن تتوفر للجميع عندها يصل المزارعون إلى حدود كل منهم تلقائيا حين يعمل كل منهم حتى يصل إلى نهاية ما يستطيع.. ويصل في نفس اللحظة إلى بداية الارض الأخرى التي يعمل فيها مزارع آخر.

إن وجود الأرض وتساوى الفرص بين المزارعين واعتماد كل منهم على جهده الخاص هو ما نشترطه لتحقيق العدالة النهائية في شأن قضية الأرض. 

أما حين تتوفر هذه الشروط فعلى كل مزارع أن يجد ويكد ليشبع حاجاته، فالذي يعمل ليل نهار سيحقق انتاجا اكثر من ذلك الذي يعمل نهارا فقط. 

أما إذا لم تتوفر هذه الشروط وتحصل المزارعون على امكانات مادية متفاوتة فإنهم سيتصارعون وسيظهر الاستغلال وسيعرف لديهم الاستحواذ على أرض أكبر مما يحتاجه بعضهم فعلا مما يؤدى إلى استحواذ هؤلاء على حاجات غيرهم، وهى عندهم مجرد كماليات لكنها لاتلبث أن تكون عندهم حاجات أيضا من جراء تعودهم عليها واستخدامهم الدائم لها.


ومشكلة السكن: حيث يجب أن يكون لكل اسرة بيت، فان مقولة "البيت لساكنه" تنهى ظاهرة الاستحواذ غير المشروع من طرف الاستغلاليين على ثروة المجتمع، تلك التي يجب أن تقسم على عدد السكان بالتساوي ليتحصل كل محتاج على حاجته، فإذا زاد بعد ذلك فائض معين فهو ملك لجميع السكان، ولا يحق لأحد الاستحواذ عليه. إنه حين يتمكن مواطن من بناء عمارة تحوى خمسين شفة ويقوم بتأجير هذه المساكن لمواطنين في حاجة إليها، فإنما قام بسرقة مباشرة لحصتهم في الثروة، واستغلهم بها، وتكون هذه البيوت المؤجرة هي ملك مؤجريها، بدليل حاجتهم إليها وسكنهم فيها. فلو كنا عشرة أفراد، وتقاسمنا عشرة أقلام، فأخذ أحدنا قلمين، فلا شك أن أحدنا سيظل دون قلم، إن صاحبنا الذي أخذ قلمين هو الذي أخذ حصة زميلنا الذي لم يجد قلما. فإذا طلبنا منه إعادة القلم إلى صاحبه أصر أن القلم ملكه! 

-"إني لم أتناوله من جيبه.. لم اسرقه ولم اغتصبه، وإنما أعطى القلم لي فأخذته.". 

لكن الأصل في هذه المسألة إن الأقلام العشرة ملك لكل المجموعة لكل واحدا فيها حصة، فإذا تجاوز أحدهم حصته بقى غيره بدون حصة حيث أن الذي تجاوز حصته قد يكون أخذ حصة غيره. 

وهكذا هي ثروة المجتمع ملك لجميع المواطنين مقسومة بينهم بالتساوي فإذا نال أحدهم أكثر من حاجته فإن معنى ذلك هو نيله لحصة آخرين، وما ذلك إلا نوع من السرقة. 



"تم بحمد الله"

رجوع